الرئيسية / كلمة معالي الوزير

كلمة معالي الوزير

لقد إرتأيت أن أستهل كلمتي هذه بتذكير موجز لحالة الفخر والتطور الذي كانت تعيشه منظومة النقل في فلسطين في بدايات القرن الماضي، فمنذ حوالي مئة عام كان قطاع النقل في فلسطين يحتل مكانةً مرموقةً مثله مثل باقي القطاعات الفلسطينية الأخرى كالصناعي، الزراعي، التعليمي، الصحي، وغيرها. لقد كان لدينا في فلسطين: مطارين جويين، ميناء بحري، مئات الكيلومترات من شبكة سكة حديد الحجاز، بالإضافة الى شبكات الطرق الواسعة. وهنا أؤكد وأنا مكتمل اليقين بأن العقول والسواعد الفلسطينية التي بنت تلك المنظومة في حينه قادرة على إعادة بناءها مرةً أخرى، بل وبصورةٍ أفضل.

يعد قطاع النقل أحد أعمدة الإقتصاد الوطني الرئيسية ومساهماً رئيسياً في نسبة الدخل الإجمالي، فهو يلعب دوراً رائداً في دفع حركة الإقتصاد وتقديم الخدمات للقطاعات الإنتاجية والخدماتية الأخرى، بالإضافة الى توفيره فرص حقيقية للإستثمار وإيجاد فرص للعمل. فمن الصعب جداً بل يكاد مستحيلاً إحداث تنمية مستدامة حقيقية بمحاورها الثلاثة: الإقتصادي، الإجتماعي، والبيئي دون وجود قطاع نقل متطور يلبي تلك الإحتياجات.

لقد أنجزت وزارة النقل والمواصلات العديد من الدراسات الإستراتيجية الهامة التي ستساهم وبشكل رئيس في النهوض بقطاع النقل والمواصلات للوصول لنظام نقل متكامل ومتعدد الأنماط والوسائط يقدم أفضل الخدمات لتنقل الأفراد والبضائع في كافة المجالات: البرية، الجوية، والبحرية ويحقق رؤية الوزارة بتوفير قطاع نقل آمن، متطور، مستدام، صديق للبيئة، ووفق أفضل الأسس والمعايير الدولية. وما كان هذا ليتحقق لولا الجهد الكبير لمن كان لهم شرف الخدمة في الوزارة والتي نكن لهم جميعاً كل الإحترام والتقدير. فقد تم ولأول مرة إعداد المخطط الشامل للطرق والمواصلات 2017-2045 والمعتمد من قبل مجلس الوزراء، وإعداد الإطار الإستراتيجي لنظم النقل الذكي 2019-2029 والمعتمد من قبل مجلس الوزراء أيضاً، وخطة التنمية المستدامة للنقل 2030، بالإضافة الى الخطة القطاعية الإستراتيجية للنقل 2017-2022، والخطة الإستراتيجية للوزارة 2020- 2022 والتي جاءت منسجمة مع أجندة السياسات الوطنية 2017-2022.

لقد أصبح جلياً لجميع المعنيين وجود العديد من التحديات الكبيرة التي تواجه قطاع النقل في فلسطين كزيادة الإختناقات المرورية، إزدياد معدلات التلوث، وكذلك البنية التحتية المتواضعة، والتي تؤثر جميعها سلباً على الناتج المحلي الإجمالي وإرهاق الخزينة العامة بسبب زيادة الكلفة على القطاع الصحي والإنتاجية.

إن مشكلة الإختناقات المرورية لا تعالج بزيادة السعة الإستيعابية لشبكات الطرق فقط، وإنما بإدارة مرافق المرور وإدخال التقنيات الحديثة والمتطورة التي تضمن إنسيابية الحركة وتوفير بيئة آمنة وصحية. وهنا سيتم التركيز على تطبيق نظم النقل الذكي كأحد إبتكارات ثورة المعلومات والتكنولوجيا والتي ستساهم بشكل كبير في تحسين أداء حركة التنقل للأفراد والبضائع، وتعزيز مستويات السلامة والإنتاجية. فقد أصبح يقاس تقدم الدول بتقدم وسائل ونظم النقل فيها، لا سيما إذا إعتمدت هذه النظم على تطبيقات تكنولوجية وعلى نظم النقل الذكي.

ومن أجل: تحسين زيادة الكفاءة التشغيلية لنظام النقل وزيادة سعته، تحسين مستويات الحركة وراحة المسافرين، رفع مستوى السلامة المرورية، تخفيض إستهلاك الطاقة والحد من الآثار البيئية، وتحسين الإنتاجية الإقتصادية تولي الوزارة إهتماماً بالغاً الى إعادة هيكلة قطاع نقل الركاب في فلسطين ولا سيما بالحافلات، لما لذلك من آثار إيجابية ستنعكس على المواطنين وعلى المشغلين، وبالتالي على الإقتصاد الوطني.

رغم كل الصعاب التي نواجهها إلا أننا سنستمر في عملنا الدؤوب الغير منقطع النظير وجهودنا الحثيثة، مستفيدين في الوقت نفسه من علاقاتنا مع أشقاءنا العرب، وحضورنا الملفت والمميز في كافة المشاريع التابعة لوكالات الإتحاد الأوروبي التي تعنى بشؤون النقل لإعادة دولة فلسطين لمكانتها، ولتكون دولة فلسطين جزءاً لا يتجزأ من شبكة النقل العربي، والشبكة الإقليمية الأوسع.

لقد بات يقيناً بأن وعي المواطن وتعاونه وإلتزامه الى جانب إهتمام كافة المؤسسات والجهات الشريكة وجميع العاملين في هذا القطاع هو الجسر الذي سنجتاز من خلاله كل المعيقات، لنستقل جميعاً العربة الأولى لقطار التطور السريع في زمن تتلاطم فيه أمواج النهضة والعولمة وصولاً للرقي والتقدم، وحجز المكانة التي نستحق وتليق بنا بين الأمم.

نعدكم بالأفضل دائماً، وقناعاتنا كبيرة للوصول إليه بجهدنا وتكاتفنا وتعاون الجميع أفراد ومؤسسات والعمل بروح الفريق الواحد، وسوف نقوم بإتخاذ كافة التدابير اللازمة وإصدار التشريعات / التعليمات الجديدة التي تحتاجها المرحلة القادمة بغية إحداث التغيير المطلوب الذي نتطلع ونطمح له جميعاً.

         عاصم سالم

 وزير النقل والمواصلات